مجلة “سينماتيك” ترافق السينما الجزائرية في انطلاقتها الجديدة

اهتمام ببعث قطاع سينمائي بأبعاد رسالية واقتصادية.
رغم المواهب الكبيرة والإمكانيات الهامة المتوفرة للسينما الجزائرية فإنها لم تنجح في صناعة حراك ثقافي يوازي أهميتها، خاصة من حيث الإنتاج الذي بقي رهين أنماط معينة من الأفلام التي تتناسب مع رؤية السلطة، لكن هناك بعض التجارب المتحررة من النمطية، بينما تبقى العلاقة بين السينمائيين الجزائريين والسلطة ملتبسة، وهو ما تسعى الأخيرة إلى تعديله عبر مبادرات جديدة.
الجزائر – أطلق المركز الجزائري للسينما، وهو مؤسسة حكومية تقع تحت وصاية وزارة الثقافة، مولودا إعلاميا جديدا يهتم بالإنتاج والصناعة السينمائية في الجزائر، ليكون هو الأول من نوعه في المشهد الإعلامي الجزائري، حيث أخذ على عاتقه مسألة مواكبة الحدث السينمائي، بما يعكس الإرادة السياسية للبلاد، التي تعتزم النهوض بالقطاع بما يمثله من قيمة ثقافية وفنية واقتصادية، الأمر الذي يعكس تبني وزارة الثقافة والفنون لمجلة “سينماتيك”، بعد تجربة منفردة للمؤسسة في إصدار المنبر المذكور.
مجلة للنهوض بالسينما

نظمت وزارة الثقافة الجزائرية ندوة خاصة لعرض العدد الأول من الطبعة الجديدة لمجلة “سينماتيك”، التي يراهن عليها لتكون لسان حال القطاع السينمائي في البلاد، ومواكبة نوايا الحكومة في بعث ديناميكية جديدة للشاشة الكبيرة، لتؤدي دورها في تسويق الصورة الفنية والرسالية وتحقيق العائد الاقتصادي، الذي بات يشكل رافدا من الروافد المتعددة للعديد من الدول.
وعكَس تخصيص العدد لمجريات الجلسات الوطنية للسينما، المنتظمة مطلع العام الجاري، تحت إشراف ورعاية الرئيس عبدالمجيد تبون، طبيعة المهمة التي أوكلت لمجلة سينماتيك، لتكون رفيقا لزخم سينمائي منتظر في البلاد، في ظل الاهتمام الذي توليه الحكومة للقطاع، بإيعاز من الرجل الأول في الدولة، الذي أبدى نواياه في ذلك منذ سنوات رئاسته الأولى، وخص القطاع بكاتب دولة، قبل أن تتم مراجعة الأوراق والأولويات لغاية العام الجديد.
وصرح وزير الثقافة والفنون زهير بللو، في افتتاحية العدد، بأن “صدور مجلة سينماتيك هو وجه آخر من أوجه عناية الدولة الجزائرية بكل فعل ثقافي وفني يروم التميز والإبداع، والبحث بقوة وعزيمة وإرادة عن أفضل الطرق للحضور المثمر في مشهدية المجتمع الجزائري”.
صدور مجلة سينماتيك هو وجه آخر من أوجه عناية الدولة الجزائرية بكل فعل ثقافي وفني يروم التميز والإبداع
وأردف “الإرادة السياسية التي أبداها الرئيس عبدالمجيد تبون، وحرصه دوما على أن تكون السينما تاج الثقافة، هما اللذان يحفزننا أكثر على بذل كل ما من شأنه أن يرفع من قيمة الثقافة والفن والتراث.” وأكد مدير المركز الجزائري للسينما عادل مخالفية أن هذه المجلة ستكون منبرا يعنى بالفن السابع ليشكل صوته الثقافي والجمالي والفني، وأن هذا العدد الخاص هو تتويج للمجهودات التي تبذلها الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والفنون.
وأضاف المتحدث أن صدور هذه المجلة الفصلية (كل 3 أشهر) يندرج ضمن مهام المركز الجزائري للسينما الذي يقوم بإصدار منشورات وكتب لإثراء المكتبة الوطنية المتعلقة بالسينما، وأن نسخة رقمية بصدد التحضير سيتم نشرها لتعميم الاطلاع على هذه المجلة. وبدوره، ثمن الناقد السينمائي أحمد بجاوي، المولود الإعلامي المتخصص، واعتبره “مبادرة قيمة وهامة جدا، لأن المجلات هي مرآة للإنتاج والنشاط السينمائي، وفضاء لتناول وطرح أخبار واهتمامات القطاع، بما يمثله من زخم وحياة متحركة.”
وخصص العدد الأول من مجلة “سينماتيك” ملفا لمجريات الجلسات الوطنية للسينما، التي شكلت خارطة طريق للنهوض بالقطاع، خاصة وأنها جرت في حضور مختصين ونقاد ومخرجين وفنانين وفنيين، قدموا رؤيتهم لبعث واستعادة أمجاد القطاع.
إرساء تجربة ثابتة

تبقى السينما الجزائرية، على أعمالها الرائدة، خاصة تلك التي حملت طابعا ثوريا ونضاليا، قطاعا خارج اهتمامات الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي حيده عن أداء دوره الفني والرسالي والاقتصادي خلال العقود الماضية، ويأمل الناشطون في استعادة زخمه مع عزم الوصاية السياسية على بعثه من جديد.
ويمثل فيلم “ريح الأوراس” للمخرج محمد لخضر حامينا، فخر السينما الجزائرية خلال السنوات الأولى للاستقلال، فهو الفيلم العربي الوحيد المتوج بالسعفة الذهبية لمهرجان “كان” الدولي في طبعته الأولى، لكن السياسات المؤطرة للقطاع لم تستلهم من التجارب والأعمال الناجحة في إرساء تجربة ثابتة.

وعلاوة على مجموعة من المقالات والتحاليل الأكاديمية لبعض الأساتذة المختصين، فإن العدد خصص للأرشيف السينمائي الجزائري ورقمنة الذاكرة السينمائية، ودور المعهد العالي للسينما، فضلا عن ملتقى السينما والذاكرة الذي عقد بالعاصمة نهاية العام الماضي، ومجموعة سير وبروفايلات لشخصيات فنية على غرار الممثل الراحل سيد علي كويرات، والمخرج السينمائي أحمد راشدي.
وكان الرئيس تبون، قد ركز في كلمته الافتتاحية لجلسات السينما، على استعراض الخلفية التاريخية التي شكلت مصدر إلهام للسينما الجزائرية، فأبدعت أعمالا روجت للقضية الوطنية ولنضالات الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال، فانطلقت- حسبه – “بإرادة ثورية وما شاهدناه لم يأت بالصدفة، فقد كانوا مجاهدين من أجل الوطن، ويصعب الكلام بعد المناظر التي شاهدناها حول تاريخ بلادنا. شكرا لكل من كانوا سببا في صنع أمجاد السينما الجزائرية.”
وأكد أن “الجلسات تعبّر عن الاهتمام الذي نوليه للثقافة أولا، وللنشاط السمعي البصري كأحد روافدها وتبرز انشغالنا بطموح المبدعين والمثقفين في مجال صناعة السينماتوغرافية.”
وأردف “نولي اهتماما لمجال الصناعة السينماتوغرافية لبعث بريقها والاستلهام من رصيدها الذي حققه جيل رائد من صناع الفن السابع في سبعينات القرن الماضي. أنتم مدعوون من خلال هذه الجلسات إلى وضع ملامح المستقبل للسينما الجزائرية بعرض الأفكار وبلورة تصورات مبتكرة تجعل من هذه الصناعة المتجددة واجهة ثقافية عاكسة للشخصية الجزائرية والهوية الوطنية.”
ولفت إلى أنه “آن الأوان لنجعل من الثقافة تاجا لهذا التقدم والحركية التنموية الجديدة التي تشهدها الجزائر، وأن الإمكانيات المادية والمالية متوفرة لبعث سينما في مستوى بلد الشهداء وبحجم الجزائر. لكم الحرية المطلقة في الإبداع إلا فيما يتنافى وتقاليدنا.”
المصدر : العرب