قضايا النساء وتجاربهن تسيطر على جوائز برلين السينمائي

الفيلم البرازيلي “ذا بلو ترايل” يتوج بجائزة الدب الفضي.
ركّزت الدورة الخامسة والسبعون لمهرجان برلين السينمائي الدولي في جوائزها على النساء من خلال منحها الدب الذهبي للفيلم النروجي “دريمز” عن أولى مشاعر الحب، وجائزة الأداء التمثيلي في دور رئيسي للأسترالية روز بيرن عن تجسيدها شخصية أم منهكة نفسيا.
وقال رئيس لجنة التحكيم المخرج الأميركي تود هاينز في كلمته إن “أفلاما كثيرة تضم نساء خلف الكاميرا وأمامها كانت ضمن المسابقة، وتروي قصصا عن حياة النساء وتجاربهن، مما ترك انطباعا قويا جدا” على اللجنة.
ففيلم “دريمز” الفائز بالدب الذهبي يتناول ثلاثة أجيال من النساء، إذ يتتبع قصة تلميذة في السابعة عشرة تغرم بمعلمتها، ويُظهِر تداعيات هذا الشغف على والدتها وجدتها.
ويشكّل “دريمز” للمخرج داغ يوهان هاوغيرود الجزء الأخير من سلسلة ثلاثية نروجية، عرض فيلماها الأوّلان في مهرجاني برلين والبندقية، وهي ثلاثية سينمائية تتناول العلاقة الحميمة في بعدها العاطفي والجسدي بطرح سينمائي غير تقليدي.
وأشاد رئيس لجنة التحكيم بالفيلم، واصفا إياه بأنه “يدغدغ المشاعر من خلال لحظات مفاجئة ومذهلة، تسير بسلاسة داخل نسيج القصة.”

وشارك في المسابقة الرسمية 19 فيلما، وذهبت جائزة الدب الفضي إلى الفيلم البرازيلي “ذا بلو ترايل” الذي يتناول رحلة امرأة مسنة في غابات الأمازون، ورفضها العيش في مستعمرة للمسنين.
ونال جائزة لجنة التحكيم الفيلم الأرجنتيني “ذا ماسج”، والذي يتناول الأثر العاطفي للرسائل غير المكتملة بين العائلات الممزقة.
وفاز بجائزة الدب الفضي لأفضل مخرج الصيني هيو مينج عن فيلم “لايفينغ ذا لاند”، الذي تدور أحداثه عام 1991، ويتحدث عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية العميقة في الصين، التي أثرت بشكل جذري على حياة العائلات في جميع أنحاء البلاد وجعلت المزارعين يواجهون تحديات كبيرة مع التطورات التكنولوجية التي تعيد تشكيل أسلوب حياتهم الريفي بالكامل.
وفازت الممثلة الأسترالية روز بيرن بجائزة أفضل أداء تمثيلي عن دورها كأم مرهقة في فيلم “إيف آي هاد لِغز آيد كيك يو”. ويلقي هذا الفيلم القوي للمخرجة الأميركية ماري برونستين نظرة جديدة على الأمومة والصعوبات والضغوط الاجتماعية التي تتعرض لها الأمهات.
ونال الأيرلندي أندرو سكوت جائزة أفضل أداء تمثيلي في دور ثانوي عن تجسيده شخصية في فيلم “بلو مون” للمخرج ريتشارد لينكليتر.
وطغى المناخ السياسي على برليناله منذ انطلاقه هذه السنة، إذ ترافق المهرجان مع حملة الانتخابات الألمانية التي يطمح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إلى تحقيق نتائج تاريخية فيها، في حين تخللته مواقف حادة مناهضة للرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخذها كلّ من تود هاينز وضيفة الشرف تيلدا سوينتون.
وقال المخرج الروماني رادو جود، أحد وجوه سينما المؤلف الراديكالية، “نظرا لوجود انتخابات، فأنا آمل ألا يُفتتح المهرجان السنة المقبلة بفيلم ‘انتصار الإرادة’ للمخرجة ليني ريفنشتال”، وهو أحد أشهر أفلام الدعاية النازية في ألمانيا خلال عهد أدولف هتلر.
وأضاف رادو جود الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو عن فيلمه “كونتيننتال 25″، وهو عمل يعيد النظر في الشعور بالذنب الجماعي وعدم المساواة الممنهج، أنه يأمل في “المزيد من التضامن في أوروبا، في هذه المرحلة التي نتعرض فيها لضغوط من كل الجهات.”
وفي العام الفائت، اندلع جدل حاد في ألمانيا بعد تصريحات على المسرح تدين الحرب الإسرائيلية على غزة، من دون أن تذكر في الوقت نفسه هجوم حماس على إسرائيل الذي أدى إلى تلك الحرب، أو مصير الرهائن.
الدورة الخامسة والسبعون لمهرجان برلين السينمائي الدولي تشهد مشاركة العديد من الأفلام العربية والأفلام المدعومة من صندوق البحر الأحمر السينمائي
وكانت جائزة الأفلام الوثائقية هذه السنة من نصيب شريط عن عائلة الرهينة لدى حركة حماس ليات بينين أتزيلي، صُوِّر بعد اختطافها في السابع من أكتوبر 2023.
أما عضو لجنة تحكيم أحد الأقسام الموازية المخرجة الكندية التونسية الأصل مريم جعبر التي صعدت إلى المسرح لتقديم جائزة أفضل فيلم أول لصاحبة عمل مكسيكي، فدعت إلى “عدم التخلي عن واجبنا المقدس تجاه الأطفال، مهما كان دينهم أو لون بشرتهم أو هويتهم.” ونددت “بإبادة الآلاف من الأطفال، واعتبارهم مجرد أضرار جانبية من قبل السياسيين ووسائل الإعلام.”
وكانت هذه النسخة الخامسة والسبعون من المهرجان بمثابة اختبار لمدى قدرة مديرته الجديدة الأميركية تريشا تاتل على إعادة الزخم إلى برليناله بعدما تراجعت مكانته في السنوات الأخيرة بالمقارنة مع مهرجاني كان والبندقية.
وتمكنت بالفعل من تأمين حضور المرشح البارز لجوائز الأوسكار تيموتيه شالاميه لمواكبة عرض فيلم “إيه كومبليت أنّون” المتمحور على بوب ديلان. وضمن الحضور أيضا طاقم عمل “ميكي 17” الفيلم الجديد للكوري الجنوبي بونغ جون هو، مخرج “باراسايت”.
وشهدت هذه الدورة مشاركة وفوز العديد من الأفلام العربية والأفلام المدعومة من صندوق البحر الأحمر السينمائي، ونشر حساب مهرجان البحر الأحمر السينمائي رسالة تهنئة للأفلام الفائزة بالجوائز جاء فيها “مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحب أن تبارك لفيلم ‘رؤوس ساخنة’ للمخرجة ماية عجمية زلامة، وفيلم ‘القلب عضلة’ للمخرج عمران حمدولاي، وفيلم ‘يلا باركور’ من إخراج عريب زعيتر على حصولهم على جوائز من مهرجان برلين.. وتفخر المؤسسة بدورها في تمويل ودعم هذه الأعمال الاستثنائية”.
وحصل فيلم “رؤوس ساخنة” على تنويه خاص لأفضل فيلم من لجنة التحكيم، وحصل فيلم “القلب عضلة” على جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم في قسم بانوراما، أما فيلم “يلا باركور” فحصل على المركز الثاني في جائزة الجمهور للفيلم الوثائقي، وحصل الفيلم السوداني “الخرطوم” على المركز الثالث في القسم ذاته، كما حصل على جائزة فيلم السلام، وتنويه خاص من جائزة منظمة العفو الدولية.
المصدر : العرب