تجديد منازل الأمس : اسماعيل عبد الله.

كيف يكون التجديد إذا لم يقم الجديد بالجدل مع القديم؟ وهل يعني التجديد التغيير الشامل الكامل؟ أم أن القديم يلد الجديد والجديد يأتي من رحم القديم؟
كيف ننظر للموروث من الحكايات الشعبية التي شكلت المعين الأساس للآداب وتربية الخيال؟
أي اكتمال يكون لنشأة الفرد لو غابت حلقة أساسية من تلك النشأة، أعني تلك الحلقة المتمثلة بالحكاية والأسطورة والملحمة الشعبية؟
أي حكاية أو أسطورة أو ملحمة يمكن أن تلائم طوفان التغيير الذي يواجهه الإنسان في حياته المعاصرة؟ هذا التغيير الذي يمكن أن يطال ما اتفق عليه من تقسيم الأجيال والمجايلة؟ حتى صار المتغير الذي يحدد صفات جيل في ربع قرن أو عشر سنوات، يمكن أن يمر على المرء في عامين أو ثلاثة ولا أبالغ إن إن قلت في عام واحد، أي وكأننا أمام جيل يتغير كل خمس سنوات على أبعد تقدير.
أوليست هذه التغييرات عوامل لتغيير في التفكير ووسائل التعبير والتواصل؟
أولا تؤدي هذه التغييرات المذهلة إلى زيادة الفجوة بين الأجيال فيما بينها؟ وبين الأجيال وثقافة مجتمعاتها وموروثاتها؟ بل وإن التغييرات ستحمل معها ثقافة المجتمعات المنتجة لها والمؤثرة في بعثها وترسيخها.
لا نريد لأطفالنا أن يصبحوا أقرب للروبوتية (الآلية) منهم لإنسانيتهم، ولا نريد لهم أن ينقطعوا، بل نريد لهم أن يحققوا القطيعة المعرفية بمفهومها الجدلي، أو فلنقل القطيعة كما أشار لها باشلار بقطع الصلة بالماضي دون إنكاره، بحيث يبدأ الإنسان بالعمل وفق منظومة عقلية كلية جديدة أوسع من المنظومة السابقة وأكثر تعقيداً.
وضمن مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه تطوير وتجديد معارفنا الثقافية المسرحية وقفنا أمام ناظم خصصناه لمسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال للعام 2025، المسابقة التي بلغت في هذا العام نسختها السابعة عشرة، وجاء هذا الناظم لينقل للأجيال الصاعدة من أطفالنا واليافعين أهمية الدخول الإيجابي إلى عالم الحكاية الشعبية الموروثة، الدخول كأبطال جدد في هذه الحكايات، أبطال يمكنهم أن يغيروا مساراتها، وأهدافها وقيمها، لذا جاء الناظم على النحو التالي: أطفالنا أبطال جدد في حكاياتنا الشعبية.
نعم، نريد أن نعيد إنتاج هذه الثقافة الهامة والملهمة، ونريد لحكاياتنا أن يتجدد دمها من خلال دماء الأجيال الجديدة التي يضخها الأبطال الجدد في عروقها، نريدها حكايات تقيم في منازل الغد لتعيش أكثر ولتكون أبلغ؛ فكما قال جبران (الحياة لا تقيم في منازل الأمس).