
أعلنت لجنة الحسن ابن الهيثم للذاكرة العراقية المرئية اختيار فيلم “سعيد أفندي” لتمثيل العراق في مهرجان كان الدولي.
وذكر بيان رسمي للجنة التابعة لرئاسة الوزراء العراقية أن “لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة العراقية المرئية – مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، أعلنت ضمن إطار مشروع سينماتك العراق، وبكل فخر عن اختيار الفيلم ‘سعيد أفندي’ من إخراج كاميران حسني وإنتاج عام 1956، لتمثيل العراق رسميًا في الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي، وذلك ضمن قسم كان كلاسيك.”
وأضاف البيان، أن “هذا الاختيار والذي يعدّ الأول من نوعه في تاريخ السينما العراقية، يأتي ثمرةً لجهود لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة العراقية المرئية، بدعم من السفارة الفرنسية في العراق ووزارة الخارجية الفرنسية وتنفيذ Expertise France من خلال مشروع سينماتك العراق.”
وأشار إلى أنه “تم ترميم الفيلم بدقة k4 في المعهد الوطني السمعي البصري الفرنسي باستخدام النيغاتيف الأصلي،” مبينا أنه “تم حفظ النسخة المرممة من الفيلم لدى لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة البصرية العراقية.”

وواصل البيان، أن “سعيد أفندي فيلم مقتبس عن قصة ‘شِجَار’ للكاتب إدمون صبري، ويُعد من أبرز الأعمال الكلاسيكية العراقية، وتمثل هذه الخطوة غير المسبوقة إحياءً للتراث العراقي السينمائي ونقله إلى العالم من أوسع أبوابه.”
ولفت البيان إلى أن “مشروع سينماتك العراق يهدف إلى حماية وتعزيز أرشيف الأفلام الذي تحتفظ به لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة البصرية العراقية، يركّز المشروع على مجموعة من 104 أفلام روائية عراقية تتراوح تواريخ إنتاجها بين أربعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثانية. يحظى المشروع بدعم السفارة الفرنسية في العراق / وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، ويتم تنفيذه من قبل منظمة Expertise France.”
ويُعتبر “سعيد أفندي” من أبرز الأعمال السينمائية التي تعكس ملامح المجتمع العراقي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وهو أول فيلم عراقي كلاسيكي يُشارك رسميًا في مهرجان كان السينمائي، حيث تم اختياره لتمثيل العراق في مسابقة “كان كلاسيك” المخصصة للأفلام المُرمَّمة، وذلك بعد مرور نحو 69 عامًا على إنتاجه.
وتدور أحداث الفيلم حول المعلم سعيد الذي ينتقل من منزل إلى منزل حتى يسكن في بيت عزت الإسكافي المجاور له. خلال إقامته، يلاحظ زيف أهالي الحي الذين يتظاهرون بالمحبة بينما يضمرون السوء، ويكتشف مظاهر الإهمال التي تملأ الحي. عندما يطلب صاحب المنزل من سعيد مغادرته، يرفض أهل الحي تركه، ويتكاتفون ضده. تتصاعد الأحداث عندما يصاب ابن سعيد في شجار مع أبناء عزت، مما يدفعه للسعي للانتقام.
“سعيد أفندي” من إخراج كاميران حسني وهو من أبرز الأعمال التي تعكس ملامح المجتمع العراقي ما بعد الحرب العالمية الثانية
ويعد مخرج الفيلم كاميران حسني (1927–2004) أحد رواد السينما العراقية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وكان له دور بارز في تأسيس الهوية السينمائية الوطنية.
وُلد كاميران في العراق ودرس السينما في الولايات المتحدة، حيث تأثر بالمدارس السينمائية الغربية، خاصة الواقعية الإيطالية الجديدة. بعد عودته إلى العراق، أسس أول مجلة سينمائية محلية عام 1955، مما يعكس اهتمامه العميق بالسينما كوسيلة تعبيرية وثقافية.
تميز المخرج باستخدامه لأسلوب التصوير في المواقع الحقيقية، مما أضفى مصداقية وواقعية على أعماله. كما كان يولي اهتمامًا خاصًا بتفاصيل الحياة اليومية، مما جعل أفلامه تعكس الواقع الاجتماعي والثقافي للعراق في تلك الفترة.
وأنجز كاميران عدة أفلام تسجيلية قصيرة لصالح وزارة الثقافة العراقية، تناولت موضوعات اجتماعية وثقافية، لكن كثيرًا من هذه الأعمال غير موثقة حالياً أو لم تُحفظ بشكل رسمي.
وإلى جانب مشاركته في “كان كلاسيك”، تُنظم “خيمة العراق السينمائية” خلال أيام المهرجان الذي ينعقد في الفترة ما بين 13 و24 مايو الجاري، وهي مبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على السينما العراقية وتعزيز حضورها في المحافل السينمائية العالمية. تتضمن هذه الفعالية عروضًا لأفلام عراقية حديثة، بالإضافة إلى ورش عمل ولقاءات مع صناع السينما، مما يسهم في بناء جسور تواصل بين السينمائيين العراقيين ونظرائهم الدوليين.
وتُعد هذه المشاركة جزءًا من جهود أوسع لدعم وتطوير الصناعة السينمائية في العراق، حيث تم تأسيس “لجنة دعم السينما” التي تعمل على إنتاج أفلام روائية قصيرة وطويلة، بالإضافة إلى تنظيم مهرجان بغداد السينمائي الذي يهدف إلى إعادة إحياء السينما العراقية وتعزيز مكانتها في المشهد الثقافي العربي والدولي.