مقالات

جولة في ثنايا الوجع العراقي اولا والعربي ثانيا

جولة في ثنايا الوجع العراقي اولا والعربي ثانيا

أنطباعات ,,

العرض المسرحي ساعة السوده لمؤلفها مثال غازي ومخرجها سنان العزاوي يقاسمهم البطولة الممثلين وبالاخص يحيى ابراهيم وأسماء صفاء والمجموعة من الشباب

في التاليف :بين تسامي الكاتب د.مثال في حواراته التي عرفناه بها(اللغة الفصحى )وبين صراعه الذي يلح عليه بالنزول الى العامية في حكاية بسيطه ولكنها كبيره لانها تلامس الوجع العراقي بل كل شعوب الامة العربية المبتلات بالحروب والاضطهاد والدكتوريات والمعاناة الاقتصاديه والفراغ الثقافي والفكري الذي تعيشه لماذ سحبنا العرض عربيا ؟.بلمسة جميلة تؤكد ذلك من خلال المشهد الذي (تؤديه أسماءمع يحيى ), في اللهجة المصرية ,وكذلك البوتقه في منتصف المسرح حيث تغيب ملامح المكان وكذلك الزي العسكري الذي غابت ملامح انتمائه ايضا ,, بساطة الموضوع يأتي من نزول ادم وحواء الى الارض وما أحاطهم من بؤس وشقاء نتيجة تراكمات موضوعية تفرض عليهم التكيف مع الواقع ,,وليس بالامر السهل ذلك, فيحتمون تارة باحلامهم وتارة بصراعهم مع المجتمع والنظام,فيلعنون تلك الساعة السوده التي أوصلتهم الى ما هم عليه , على وجه اليقين اراد المؤلف ان يقول أو ربما ما وصلني أن مشكلة أدم وحواء ليس في نزولهم الى الارض وفقدانهم الفردوس الاعلى ووسوسة الشيطان لهم بل عالم الشياطين وافعالهم الشنيعه ضد البشر بسلوك من بني البشر أنفسهم ,و الارض التي لم تمنحهم الامن والسلام والدليل انهم يعيشون الحلم والحب بذكرياتهم في لحظات صفائهم , أنهم اكتشفوا الكم الهائل من الوجع المتلاحق من جراء رعونة حكامهم وطيشهم وعدم احترامهم للقيم الانسانية التي يفترض ان تسود المجتمع ..يأتي المخرج سنان العزاوي ليضيف وجعه وأفكاره وسخريته ورسالته بالحياة ولانني اعرف هذا المخرج الذي اطلقت عليه يوما ما (بالحصان الجامح )منذ دخوله لمعهد الفنون الجميله وهو طالب مشاكس بأدب و كان يفكر بلا قيود يعلم جيدا مايفعله ولن يرضخ لملاحظات تحد من مايريد طرحه وأكيد وأكاد أجزم أن ساعة السوده التي يفترض ان تكون (ساعة عرض) أصبح العرض (ساعة ونصف) بسبب الاضافات التي ادخلها على العرض وليس النص وقد كنت أقرا من خلال العرض ,,هنا كان سنان العزاوي بقفشاته وتعليقاته وتدخله في رسم نهاية العرض التي بلا شك اضافة للعرض تتابع وأنسجام جميل رغم لحظات الصمت التي كانت ثقيلة نوعما ,لم يكن الاخراج موحيا ومؤثرا لولا مقدرة فرسان المسرح الجدد يحى ابراهيم البارع الفنان في المرونة الجسدية وقدرته على الحفاظ على مخارج الحروف وأتقان فعله على خشبة المسرح باسترخاء تام والذي شاركه فيها زميلته الجميله أسماء صفاء التي منحت العرض خصوصية جريئة تجعل المشاهد يتابع دخولها وخروجها ومرونتها الجسديه ..أقول ولاول مرة انحاز للتمثيل حيث كان التمثيل ثلاثة ارباع العرض قوة ونجاحا (يحيى وأسماء) أحبوا أدوارهم فمنحوا الشخصية ثقلها واجبروا المشاهد على حبهم, لان المخرج بذكائه خلق هذا الهرموني بالعلاقات وبوجود المؤلف حبا وصدقا جعلهم يبدعون في عرض يستمر ساعة ونص بجهد كبير بذلاه الفنان يحيى والفنانة اسماء في رسم نهاية راقية (ان الاحتجاح واحد من السبل التي تجعل الناس يثوروا وينجحوا في تغيير وتيرة الانظمه ) وهو أسقاط ما يحدث اليوم في ساحة التحرير..رغم سوداوية اللحظات التي عاشتها الشخصيات وهي تجسد الضربات التي تلاحقهم يرفعون ايديهم الى السماء ابتهالا لعودتهم ليتخلصوا من هذه الحياة وقسوتها يرسم لنا المخرج صرخة أمل فيها الكثير من الخلاص وأن أرادة الانسان والشعوب قادرة على أعادة التوازن في هذه الحياة المورقه بالحب..تحية للدكتور مثال غازي مؤلفا وتحية لسنان العزاوي مخرجا وتحية كبيره لعشق يحيى واسماء في اداء مرموق ورائع لشخصياتهم,,كان عرضا يستحق المشاهدة شكرا لشباب المجموعه وهم يؤدون أفعالا خطيرة على خشبة المسرح وللعاملين في التقنيات الذين كانوا بمستوى تلاحق الاحداث بحرص شديد ,,محبتي للجميع ولنا عودة لنقد العرض أكاديميا ان سنحت لنا الفرصه ..

الدكتور عزيز جبر الساعدي / العراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى